Posted by غريــــــب | | Posted On Wednesday, October 14, 2009 at 11:41 PM

من انت حتى تتكبر؟

بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: (ألم يك نطفة من مًنِيِّ يُمنَى) القيامة / 37. عرف العرب قديما بتمسكهم بأصالتهم العربية و نسبهم الذي يتفاخرون به أمام غيرهم من القبائل. فلولا الاسلام لاستمد صراع القبائل يفرض شرف انسابهم على بعضهم البعض. فما جاء الاسلام الا ليمزق هذه الفوارق و يساوي بين الطبقات و ينير تلك العقول المظلمة, الى ان آمنت الامة بنبينا محمد عليه افضل الصلاة و التسليم فتلاشت تلك الطبقات. و اليوم نرى بقايا هذه الخصل الجاهلية في مجتمعتنا التي لا اعرف الي اين ستقودنا. فمنا من يطعن بانساب غيره و يفضل حسبه على حَسَب غيره, بل و كأنه نسبه شرفه الله في القرآن او اكرمه النبي في السنة. ففي بعض المجالس التي اتردد اليها ارى الاحترام يكون في قمته بين الرجال, و في حين اذا غاب رجلٌ منهم تكلموا عن نسبه و حسبه وأصالته. فبالله يا ذو النسب الشريف خبرني كيف فضلت نسبك على نسبه؟ فان غفر الله له و لم يغفر لك في يوم لا ظلٍ الا ظله هل سينفعك نسبك؟ و قال الله تعالى: (ان اكرمكم عند الله اتقاكم) الحجرات / 13. ولم يقل ان اكرمكم اهو اشرف نسبا!

فعن النبي صلى الله عليه وسلم لم قال: ( أربع في امتي من امر الجاهلية لا يتركوهن : الفخر بالاحساب و الطعن بالانساب و الاستسقاء بالنجوم و النياحة) راوه مسلم. و البعض يقول انا لا اطعن بنسب غيري و لكن حقي ان افتخر بنسبي, هل سئلت نفسك و ما هم الناس بنسبك؟ فان كنت شريف النسب فقد اكرمك الله لتحمده عليه لا لتتفاخر به امام الناس و ان كنت لا تطعن, فانك و بتافخرك بنسبك قد تزرع الانفة لديك حتى ينبت بداخلك الكبر و تأخذك الحمية بنفسك فيراك الناس متكبرا مغرورا و العياذ بالله. فعن النبي عليه الصلاة و السلام قال: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) اخرجه مسلم.

فاحب ان اسلط الضوء قليلا على مجتمعنا الكويتي و بالخاصة فئة ( عيال بطنها) البعض منهم و اشدد على كلمة البعض, الذين حسبوا انهم شعب الله المختار و انهم هم وحدهم ذو الاصالة العريقة التي تتحلى بعبق النسب و التراث الاصيل. و اما غيرهم الذين يلقبون بال(حبربش) هم مرتزقة هذا الشعب و كأنهم قد اتوا من مخلافات الطرق و الارصفة. استغفرالله العظيم. فمثلما لديك النسب و الاصاله و التاريخ فغيرك عنده ذلك, و الكويت ليست ارضا انزلت من الجنة لتتفاخر على غيرك بأنك من سكانها القُدم. فكلنا نفخر باصالتها وتراثها ولا نفرق بين سكانهم جديدي العهد و قديمي العهد. وان جعل الله لك شأن و أصالة فليس بعيدا عنه أن ياخذها منك ويهينك كما تهين غيرك.

فنسوا ان النبي عليه الصلاة و السلام آخى بين عبدالرحمن بن عوف و بين سعد بن ربيع في المدينة و آخى عليه الصلاة و السلام بين سلمان و ابي الدرداء و بين بلال و ابي عبيدة الجراح. و في غزوة الخندق حينما قالوا الانصار: سلمان منا. فقال الرسول عليه الصلاة و السلام: سلمان منا آل البيت. فهل هناك اشرف من ان تكون من ال البيت, انظروا كيف كانوا يتآخون فيما بينهم و لم يبثوا فوارق العِرق حتى لا يكون سما في محبتهم و وحدتهم.

فما اجمل ان يكون التواضع كنز قلوبنا و لباس يشرفنا من الداخل و يعزنا من الخارج. و ان نقابل اخواننا من كل الاطياف و الجنسيات كما نقابل اخواننا من صلب ابينا. فكلنا اخوة بالاسلام و اخوة في الله. فوالله لو حرقنا شحنات الكبر و لو كانت ذرة, لصفت قلوبنا و نقت هواجسنا. فما اجملها من ساعدة ان يعيش المرء صافي القلب و لا يكن كره و لا بغض لاخيه و يتصافى مع الناس و يسامح. فلو اقلعنا خصل الجاهلية لصنعنا شعبا من اخير شعوب الله. و لنتمعن قول الله عز وجل (الم يك نطفة) فمن انت يا بني آدم حتى تتكبر.

فتعالوا نتامل قول العابد الزاهد, حينما اتى احد ابناء المهلب بحشده و فخامة موكبه و قال للعابد: افسح الطريق, فقال العابد: لمَ افسحه؟ فقال الا تعرفني؟ قال : اعرفك حق المعرفة, انت اولك نطفةُ قذرة و آخرك جيفةُ نتنة و انت بين ذلك تحمل العذرة. فنكس ابن المهلب رأسه و مشى. و بعد كل هذا الا يستوجب انت تستحقر نفسك حينما تتعالى على غيرك؟

و خذ مثلا للتواضع, فقد سئل الحسن البصري عن التواضع فقال: ان تخرج من بيتك فلا تلقى احدا الا رأيت له فضلٌ عليك. و من تواضع لله رفعه فهنالك المئات من القصص و الحكم و الايات و الاحاديث تحث على التواضع فليكن التواضع اول خلقنا و اسمى غايتنا لنلم شمل امتنا المفكك و ننعم بمجتمع متلاحم و بعد اذنٍ يحق لنا ان نفخر باخوة في الله.

Comments:

There are 10 comments for

Post a Comment